محاكمة سقراط... (2)
خمسمائة قاض وقاض جلسوا، الواحد بجانب الآخر، على المدرج ذي المقاعد الخشبية، يقابلهم رئيس المحكمة محاطا بكاتبه وحرسه، وفي أسفل المدرج وضع الصندوق الذي سيضع فيه القضاة أحكامهم بعد انتهاء المحاكمة.
الجلسة علنية ولا يسمح فيها لغير الرجال بالحضور، أما الطقس فقد كان جميلا مما أدخل الارتياح إلى نفوس الجميع وجعلهم يأملون بجلسة كاملة لا يربك مجراها مطر يهطل على الرؤوس أو برد يعطل تواصل الأفكار…
وإذا بدا لنا أن انعقاد محاكمة في الهواء الطلق أمر مستغرب بل وطريف...؟؟؟، فلنتذكر أننا اليوم في أثينا، في صبيحة أحد أيام ربيع عام 399 قبل الميلاد .
أثينا هذه التي قدمت الديمقراطية للعالم، تعيش فترة عصيبة جدا، لقد هزمت في حرب دامت سبعة وعشرين عاما، وفرضت عليها شروطا قاسية، منها نظام "الثلاثين مستبدًا " بقيادة أحد أبنائها... إنه "كرينياس" الذي تخلص منه الآثنيون منذ وقت ليس ببعيد .في هذا الجو من القنوط الوطني، كثرت الأحقاد وتعددت حوادث تصفية الحسابات لكن العدالة ظلت تعمل، وبلغ عدد القضاة في آثينا ستة آلاف قاضي، موزعون عبر إثنتي عشرة محكمة في كل واحدة خمسمائة قاض وقاض.
متهم اليوم شيخ ذو لحية بيضاء وثياب رثة، إنه ابن النحات "سوفرونيسك "والقابلة "فيلا ريت" وهو الملقب بسقراط، لكن ما هي التهمة التي سيحاكم اليوم على أساسها؟ لقد اتهمه أحد المواطنين، ويدعى "مليتوس"، اتهمه بالكفر بالآلهه وبإدخال شياطين جديدة إلى المدينة وهي تهمة تستحق عقوبة الموت...!!!
يتبع....
المصدر : من كتاب أشهر المحاكمات