أحيانا تفـتـقد إنسانا قريبا إلى نفسك تأنس بالحوار معه وتسعد بلقياه... وربما كان عمر معرفتك به قصيرا لكن تحس بها وكأنها سنيـن ... وكما قيل ( الانطباع الأول هو الانطباع الأخير(
لكن من سنن الله في الكون التي لا تحول ولا تزول ..أن كل نزول فهو إلى ارتحال وكل اجتماع فهو إلى فراق .. وقد اخترت أبياتا جميلة في الشوق والفراق وأحببت أن أضعها كباقة ورد بـيـن يديك ... فأبدأ بقول المتنبي :
نبكي على الدنيا وما من معشر *** جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
ويقول نزار :
أحبه..لست أدري ما أحب به
حتى خطاياه ما عادت خطاياه
الحب في الأرض بعض من تخيلنا
لو لم نجده عليها لاخترعــــنـــاه
فالخيال الخصب فيه سلوة في أوقات الخلوة ... والحمد لله أن ليس للحكومات تحكم به وإلا لجعلوه برسوم وضرائب تكون رسومه عالية كلما كانت أحلامنا جميلة.
ولا عزاء للمحبين فهم يبحرون ولا يجدون ميناء ترسو فيه عواطفهم ولا قشة يتعلقون بها للنجاة مما هم فيه .. فينجو أحدهم من لجة حب ليغرق في لجة أخرى
فلا بالقرب يجد الشفاء ولا بالبعد يحصل على الدواء
فتسخن عيـنه عند التلاقـي وتسخن عيـنه عند الفراق
ويبكـي إن نأوا شوقـًا إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق
تباعدهم يشعل لظى الشوق :
قد جدد البعد قربا في الفؤاد لهم حتى كأنهم يوم النوى وصلوا
انا الوفي لأحبابي وان غدروا انا المقيم على عهدي وان رحلوا
وغيبتهم عن العين لا تجعلهم يغيبون عن القلب
يا غائبين عن الأبصار مسكنكم. ...بين الضلوع فرشناها رياحينا
وقد وصفت ذلك شاعرة فقالت :
لئن بعدتم..فإن النبضَ يذكركم..
وربَّ صحبٍ..لهم في بعدهم قربُ
وقد قال الأول :
ومن عجب أني أحن إليهم .. وأسأل عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها .. ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي
والرجل وإن كان قاسيا كالحديد فنظرة امرأة تصهره :: ... يقول أبو فراس الحمداني :
نحن قوم تـذيـبنا الأعين النّجل
على أننا نذيــــــــــــب الحديدا
ولمن يشكو الإنسان جرحه وعلي رضي الله عنه يقول :
لا تشك للناس جرحاً أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
ولا يعلم المحب هل يأخذ بهذا القول أم بقول الشاعر :
لا تخفِ ما فعلت بكَ الأشواق
واشرح هواك فكلنا عُشاقُ
عسى يعينكَ من شكوتَ لهُُ الهوى
في حملهِ فالعاشقون رفاقُ
لا تجزعن فلست أَول مُغرمٍ
فتكتْ بهِ الوجناتُ والأحداقُ
والرجال يقل فيهم الوفاء في الحب لكنهم أحياناً يزعمونه :
أتحداكِ أنا أن تجدي عاشقاً مثلي
وعصراً ذهبـياً مثل عصري
فارحلي حيث تريدين واضحكي وابكي
فأنا اعرف أن لن تجدي موطناً
فيه تلميذٌ كصدري
والمرأة أحيانا تطبخ الرجل بحبها على نار هادئة فتتعالى عليه وتبتعد عنه :
تسائلني من أنت؟وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى
قتيلك!.. قالت ايهم ؟ فهم كثر
فقلت لها لو شئت لم تـتعنـتي
ولم تسألي عني وعندك بي خبر
فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا
فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر
وفي الختام أحمد الله أن قلبي قلعة حصينة وأبواب موصدة وإلا لكنت قلت كما قال المصاب :
إن كنتَ صديقي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ حبـيـبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
***
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتـنـتحرُ الأشواق
...سلام...